*.. البعد الرئيسي لصيام شهر رمضان (المبارك) معروف
لجميع المسلمين ويتمثل في كونه أداءً عبادياً سنوياً كفريضة وركن من أركان
الإسلام ولا يكتمل إسلام المسلم بدونه فهو الركن الرابع في ترتيبه في
أركان الإسلام.. وللصوم تعريفاته اللغوية والشرعية الواردة في كتب الفقه..
وهي ما يحفظها المسلمون جميعاً بالأخص الشريحة الواسعة المكلفة بالصوم..
فأصبحت في نطاق محفوظاتهم المتداولة وأصبح الصيام في رمضان أداءاً
سنوياًمتوارثا لدى المسلمين في العالم حتى كاد أن يصير عادة سنوية.
*..
وكوننا ننتمي إلى مجتمع مسلم.. ومسلمين بالوراثه.. فإننا درجنا على الصيام
منذ الطفولة.. ونشأنا بين الصائمين.. فحبب لنا الآباء والأمهات وكبار
الأخوة والأخوات والأقارب والمعلمين.. الصيام. والكثير يتذكر تلك التعبيرات
والأساليب التي اتبعها الكبار مع الصغار ليكونوا في ركب الصائمين.. فوجدنا
انفسنا والحمد لله صواما بالوراثه والتقليد والعادة ولكن يبقى السؤال في
تفرعاته الكثيرة.. هل يتذكر الواحد منا.. متى أصبح عليه الصيام فريضة؟؟
ومتى قرر هو أن يؤدي هذا الركن واعياً بفرضيته عليه وعن قناعة واختيار؟؟
وما هو الجديد الذي وقف عليه عند كل رمضان يظهر هلاله وتنتهي أيامه؟؟ وما
هو الجديد الذي وقف عليه في مجموع الرمضانات التي صامها كفريضة؟؟ وما هو
الجديد الذي كان محصلة آخر رمضان لديه؟؟..وهل في رمضان جديد؟؟ هذه الأسئلة
ليست كل الأسئلة.. ولكنها ربما تساعد على فتح باب التساؤلات العديدة
المتنوعة ذات الصلة برمضان وبالصائم الرمضاني ..فربما يساعد ذلك على الخروج
من الأداء الرمضاني كعادة سنوية موروثة إلى مفهومها الأوسع عبادياً
وحياتياً في أبعادها المتجددة والمجددة في الصائم وفي الحياة .
فالأداء
الرمضاني (الصيام) عظيم عند الله .. فبقدر هذه المكانة العظيمة عند الله..
يفترض في صيام رمضان أن يكون له أثر حياتي عظيم مكافئ على المسلم وواقعه
على نحو ملحوظ . . فما هو الأثر الحياتي العظيم لهذا الشهر الكريم على
المسلم وعلى الحياة من حوله؟ وكيف يمكن للمسلم إكتشاف ذلك؟ وإلى أي مدى
سيستمر هذا الأثر علىالأداء الحياتي الرئيسي للصائم؟؟.
وفي عصرنا
هذا عصر ثورة الاتصال والفضائيات وثورة المعلومات ..وثورة احتلال العالم
ومصادرته وتهديدات القوة العظمى في العالم للعالم.. ما هو الأثر الحياتي
الجديد المفترض لصيام رمضان.. على المستوى البشري.. وعلى مستوى الكون على
نحو مكافئ لعظمة هذا الشهر وادائه عند الله؟؟ وكيف يمكن لنا تصور ذلك؟ فهل
يكفي ذلك المشهد المألوف لأيام وليالي رمضان لدى المسلمين والذي اعتادت على
نقله المحطات الفضائية والتلفزة؟ وهل يكفي ذلك المشهد العبادي المهيب من
صلاة وقيام في الحرمين الشريفين والازهر وفي مساجد العالم كله؟؟
فعلى
أهمية هذا النقل للمالوف ا لرمضاني في نهاره ولياليه المباركة.. فإن
التساؤلات مهمة لمعرفة عظمة رمضان واثره في التجديد الحياتي.
رمضان والجديد الابدي
انه
في نظرة اولية لعظمة شهر رمضان ..سنجده يكمن في تلك الرحمة الربانية التي
أنزلت في رمضان ذلك الجديد الابدي الذي كانت تفتقر اليه البشريه المتمثل
بالقرءان الكريم ليكون في متناول جميع الناس..وليكون مصدر الجديد
الكبيرالسهل للبشريه تكتشف فيه بسهولة ويسر جديدها اللازم لها في لحظاتها
الجديده في انتقالاتها الجديدة.. باقل التكاليف وفي اقصر زمن.. لتتجدد به
على المستوى الفردي وعلى المستوى الجماعي.. ثم لتجدد به الحياة..لتصنع فرحة
الحياة واسعة النطاق على المستوى الشعبي للناس كافة..فلا يبقى اكتشاف
الجديد محصوراومحتكرا في فئة محدودة جدا من البشر..بسبب الإكتشاف الباهض
التكاليف للجديد..لاعتمادهم على مصدرين فقط هما الكون وما فيه والنفس
الانسانيه وما تمثله من وجود..وهو ما يجري اليوم ايضا..فهذين المصدرين
اكتشاف الجد يد فيهما مكلف جدا جدا..فكان رمضاف اشبه بشهر اراده الله ان
يستضيف به ذلك الجديد الابدي المصدر الاعظم-للهدايه- للجديد
للبشريه..القرءان الكريم..والهادي الى الجديد في الكون بمافيه
والانسان..باقل التكاليف واسرع زمن.
* وفي نظرة إلى مكمن
الفعل الإنساني وقوة الإنسان في فعله الحياتي فإننا سنجده يكمن خلف تلك
الإرادة الإنسانية وعزمها وصبرها واصرارها على اكتشاف الجديد لتتجدد به
للتجدد في الأداء الحياتي.. فهذه المقدرة الإنسانية هي سر عظمة هذا الإنسان
في تميزه عن سائر المخلوقات.. فلو نظرنا إلى الأداء الرمضاني المبارك..
سنجد أنه يمد هذه الإرادة والعزم والصبربالجديد اللازم لها لتعزز مقدرة
المسلم على اكتشاف الجديد ومن ثم على التجديد في الحياة على نحو جديد متنام
فعال..ليقوم بدورة كصانع للفرحة الحياتية للبشر في ساحة تاثيره..وذلك
بتحويله من مسلم بالوراثه الى مسلم بالقناعة(مسلم جديد).
*..
فرمضان.. يذكر المسلم أنه يملك المقدرة الذاتية ..ان يكون جديدا وعليه
اتخاذ القرار الذاتي الحر المسؤول في الامتناع عن الطعام والشراب ووالدخان
وكذللك التخلي عن كل الأخلاق المخلة بالجمال الإنساني.. فعلى مدى شهر رمضان
يعيد المسلم تأهيل هذه المقدرة لديه ليتحول إلى مسلم جديد عملاق يقدر على
الفعل الحياتي الجديد.. ليفعل إرادته بجدارة وحرية في بناء الحياة على نحو
عظيم..فالاصل ان يخرج المسلم من رمضان انسان جديد..يجدد في الحياة..يصنع
الفرحة الحياتية للناس.
فرمضان المفترض ان تكون محصلته مسلم
جديد يكتشف الجديد يجدد في الحياه يصنع الفرحة الحاتيه..ومن ثم مؤهل
للتمكين الحياتي والاجر الاخروي..لتتشكل الامة الاسلامية الجديدة صانعة
الفرحة الحياتية للبشر كافة..المؤهلة للتمكين الحياتي..القادرة على ان تكون
رحمة للعالمين.
فمن يخرج من رمضان.. ولم تتجدد إرادته وعزمه وصبره
ولم يكتشف جديده..ولم يصبح جديدا.. فقد خسر الأثر الرمضاني الحياتي على
الاقل.. وبالتالي خسر امكانية اكتشاف الجديد والتجدد والتجديد في الحياة..
فهو غير صالح لصناعة الانتقالات الحياتية العظيمة...وبالتالي فهوغير مؤهل
لصناعة الفرحة الحياتية للناس..ومن ثم فهو لا يستحق التمكين الحياتي.وان
استحق عند الله اجر الصيام أخرويا.
والله أعلم بالصواب وهو المستعان،،،